قال أحمد مفيد، أستاذ القانون الدستوري بجامعة سيدي محمد بن عبد الله فاس، إن القاسم الانتخابي على أساس عدد المسجلين في اللوائح الانتخابية يتطابق مع مقتضيات الوثيقة الدستورية، ولا يمس بشفافية العملية الانتخابية ونزاهتها.
واستند مفيد في رأيه بخصوص دستورية القاسم الانتخابي، الذي أثار جدلا كبيرا قبل أن تحسم المحكمة الدستورية في دستوريته، إلى جملة من المرتكزات؛ في مقدمتها احترام القضاء الدستور للأمور التي تدخل في صميم السلطة التقديرية للمؤسسة التشريعية.
وذكر، في هذا الإطار، بالاختصاصات التي يبينها القانون التنظيمي المتعلق بمجلس النواب، الواردة في الفصل 62 من الوثيقة الدستورية؛ ومنها نظام انتخاب أعضاء الغرفة الأولى، ومبادئ التقسيم الانتخابي، وشروط القابلية للانتخاب، وحالات التنافي، وقواعد الحد من الجمع بين الانتدابات، ونظام المنازعات الانتخابية.
واعتبر مفيد، في معرض حديثه عن القاسم الانتخابي على أساس عدد المسجلين في اللوائح الانتخابية، في ندوة نظمتها كلية الحقوق أكدال، حول القوانين التنظيمية الجديدة والاستحقاقات الانتخابية المقبلة، أن موقف المحكمة الدستورية سليم، بتأكيدها على أن كل ما يدخل في إطار السلطة التقديرية للمؤسسة التشريعية خارج عن نطاق مراقبة القضاء الدستوري.
وفي الوقت الذي اعتبر فيه بعض المتابعين للشأن السياسي أن الغاية من القاسم الانتخابي على أساس عدد المسجلين في اللوائح الانتخابية هي تقليص عدد مقاعد حزب سياسي معين في البرلمان، اعتبر مفيد أن هذه الآلية الانتخابية الجديدة “تتوخى حماية التعددية بما يسمح بالتمثيلية المستحقة لجميع الأحزاب السياسية حسب حجمها”.
ويرى أستاذ القانون الدستوري بكلية الحقوق فاس أن القاسم الانتخابي “يسعى إلى غاية دستورية وهي تشجيع المواطنين المقيدين في اللوائح الانتخابية على المشاركة في الانتخابات، إعمالا لما ينص عليه الفصل الحادي عشر من الدستور الذي يجعل من واجب السلطات العمومية النهوض بمشاركة المواطنات والمواطنين في الانتخابات”.
وبخلاف الآراء التي تتخوف من أن يؤدي القاسم الانتخابي على أساس عدد المسجلين في اللوائح الانتخابية إلى تراجع عدد المصوتين، يرى مفيد عكس ذلك، بقوله: “إن القاسم الانتخابي من شأنه أن يحقق غاية توسيع المشاركة في الانتخابات؛ ذلك أن احتساب أصوات المسجلين سيشجع على التصويت”.
من جهة ثانية، قال مفيد إن تمحْوُر النقاش حول مدى قانونية القاسم الانتخابي من عدمه، دون غيره من المقتضيات التي جاءت بها القوانين التنظيمية الجديدة المؤطرة للانتخابات، “أمْر مؤسف، وكأن لا شيء في هذه القوانين غير القاسم الانتخابي”.
وأوضح أن القوانين الانتخابية الجديدة “تضمنت مجموعة من الضوابط التي من شأنها ضمان حكامة العملية الانتخابية، مثل التجريد من العضوية لعدم التصريح بنفقات الحملات الانتخابية أمام المجلس الأعلى للسلطة القضائية، وتقليص حالات التنافي؛ وهو ما شأنه أن يساعد على تداول الانتخابات داخل المؤسسات المنتخبة”.
وأشار المتحدث ذاته إلى أن القوانين التنظيمية الجديدة المؤطرة للعملية الانتخابية جاءت بدعم التمثيلية السياسية للمرأة، تكريسا لما سطره المشرع الدستوري، بعد رفع عدد المقاعد المخصصة للنساء في مجلس النواب إلى تسعين مقعدا.
وختم بالقول إن القوانين التنظيمية الجديدة “لها الكثير من الإيجابيات؛ لكنها اختُزلت في نقطة فريدة هي القاسم الانتخابي”، مشيرا إلى أنها “جاءت بضمانات للمساهمة في إجراء انتخابات فيها نزاهة وشفافية وتعددية وتمثيلية حقيقية؛ لأن كل حزب سيحصل على التمثيلية التي تلائم حجمه، وهذا سيُفضي إلى التنافسية بين الأحزاب السياسية”.