إن الظاهرة القيمية بالمغرب لا يمكن فهمها من زاوية أنها أزمة قيم بل من باب أنها “احتباس قيمي”؛ ذلك لأن التحول القائم في السلوكات سيؤدي إلى كوارث اجتماعية ويرهن ممارسات ومستقبل الأجيال القادمة يصبح معها التعايش والعيش المشترك والرابط الاجتماعي مستحيلا، كما هو الأمر بالنسبة للاحتباس الحراري الذي يهدد الوجود الإنساني ويأثر على مصير الحياة فوق الأرض.
فمفهوم الأزمة هو مفهوم ظرفي سانكروني يعني أن الظاهرة ماضية للزوال وأن الحلول في المتناول وقريبة المنال. أما مفهوم الاحتباس فيحيل على مسؤولية الفاعل (المجتمع) وتراكم الفعل (الانفلاتات القيمية) وهول العواقب (شباب دون مرجعية قيمية بممارسات جانحة و اجرامية متنوعة وايديولوجيات متوحشة ومتطرفة وتطلعات انتحارية ).
في هذا الصدد يمكن اقتراح مواد دراسية لتعميق وترسيخ التربية على القيم ومواكبة الشباب ذوي “الإعاقات” القيمية وكذلك إيجاد الطرق الكفيلة لتحسيس العائلة بدور الحمولة القيمية في ضبط سلوكات الشباب وخلق مرافق داخل المؤسسات التعليمية لتتبع الحالة والوضعية القيمية للتلاميذ.
فإذا أمكن الحديث في السياسات العمومية عن العدالة الاجتماعية والعدالة المجالية… يمكن كذلك إقرار “العدالة القيمية” واقتراح تدابير واقعية لضمان التكافؤ القيمي والتضامن القيمي بين جميع افراد المجتمع وتأطير الشباب وفقا لتربية قيمية تنهل من مرتكزات منظومة تمغربيت وعناصر الهوية المواطنة ؛ ذلك لأن الهوية المواطنة وتمغربيت يمكنان من تثبيت حجر الأساس لمسار تنشئة مجتمعية متوازنة لكي لا يتم إنتاج جيل مغترب ترابيا وتائه هوياتيا ومبغول قيميا.