كشف مصدر مسؤول في وزارة العدل، ﻷحد المنابر الصحفية بأن النقاش حول “المحاكمات عن بعد” سيحسمه مشروع قانون رقمنة الإجراءات والمساطر القضائية، الذي تنص مضامينه على استعمال تقنيات الاتصال عن بعد، والذي لم تتم إحالته بعد على البرلمان، والذي نفى تعارض تنزيله مع شروط المحاكمة العادلة.
وأورد المصدر ذاته أن هذا الإجراء استثناء يهدف إلى تسريع تجهيز الملفات، خاصة في مراحلها الأولى، ولن يكون القاعدة، مضيفا: “جائحة كورونا جعلت اعتماد المحاكمة عن بعد ضرورة بعد اتخاذ قرار عدم إخراج السجناء من السجن، وكانت مرحلة ظرفية، لن تكون الأصل. وينبغي أن تعود المحاكمات لوضعها الطبيعي، مع الإبقاء على إجراء الاتصال عن بعد لتسهيل إجراءات التقاضي
في هذا الإطار شدد المحامون عن مطلبهم بالتراجع عن اعتماد “المحاكمة عن بعد”، وازداد نفورهم من تفعيل هذا القانون، ورفضهم لتطبيقه على أرض الواقع، لما يغيبه من شروط تحقيق المحاكمة العادلة، ومبدأ التواجهية وغيرهما..
وفي نفس السياق صرح الأستاذ بن الطالب يونس وهو محام بهيئة مراكش، لجريدة التحرير، ، أن المحاكمات عن بعد ظهرت حديثا، ونتيجة فقط لظرفية حتمية مقترنة بتفشي فيروس كوفيد 19، وأن اللجوء إليها مشروط بشروط أهمها، تقديم المحكمة تعليلا عن سبب الاحتكام إليها، هذا من جهة.
من جهة ثانية أضاف الأستاذ بن الطالب، أن مسودة مشروع اعتماد المحاكمات عن بعد، تشوبها مجموعة من المؤاخذات، تتمثل في
المخاطر التي يمكن أن تنتج عن هذا النمط من المحاكمات، نظرا لضعف الضمانات، حيث تبعد المتهم عن محاميه، وأيضا عمليا تصطدم مكونات الجلسة من هيئة الدفاع والقاضي والمتهم، بضعف الشبكة، ومشكل سوء الصوت، واستعمال المعدات غير الحديثة. هذا وغياب الحضور والتواجد يؤثران في استخلاص الدلائل خلال المحاكمة عن بعد، على غرار المحاكمة الحضورية. فضلا عن أن الاتصال عن بعد يغيب العلنية ومبدأ التواجهية، والعديد من الضمانات القانونية المنصوص عليها في شروط المحاكمة العادلة دستوريا، أو على مستوى القوانين أو الاتفقيات الدولية.
حيث قال: “في العديد من المرات يكون هناك انقطاع للصورة، وانقطاع للصوت وأيضا يمكن توجيه الشهود أو المتهم بحركات او إشارات لا يمكن للقاضي أن يراقبها، لذلك تبقى المحاكمة الحضورية أكثر من توفر الشروط العادلة، ومبدأ التواجهية ، كما أنها وحدها التي تكون القناعة الكاملة للقاضي قانونيا، و تحقق الاطمئنان للدفاع وللمتهمين إلى ما ستؤول إليه نتيجة الحكم.
و الغاية من هذه المحاكمات ـ المحاكمات عن بعد ـ عموما هو توفير النفقات على الوزارة، كما هو معلوم أو كما تقول القاعدة العدالة لا تبنى على الظلم، فتوفير النفقات لايمكن ان يكون على حساب المتهمين، أو على حساب حقوقهم، بل يجب أن تكون العدالة منطلقة من أساس عادل انطلاقا من كافة الشروط المحددة في القوانين الوطنية أو الدولية”.