خرج حزب العدالة والتنمية ليطلق وابلا من الدموع على ضعف التوزيع العادل للثروة، ويتباكى على عدم تقاسم عوائد التنمية على المواطنات والمواطنين، لنحاول أن نساير الحزب الحاكم في خلاصاته التي تدينه أخلاقيا وسياسيا ودستوريا أكثر مما تخدم مصالحه الانتخابية، ولنتساءل من يملك سلطة التوزيع العادل للثروات؟ وكيف يتم التوزيع العادل للثروات؟ ومن ينبغي يتحمل المسؤولية السياسية والدستورية على ذلك؟.
بلا شك الحديث عن شعار التوزيع العادل للثروة عادة ما يكون مغريا ومشحون عاطفيا، وغالبا ما يستعمل في الصراع السياسي ولا سيما في الزمن الانتخابي لكسب بعض الأصوات، لكن لا يمكن ان يتباهى بهذا الشعار من ظل عقدا من الزمن على رأس السلطتين والتنفيذية والتشريعية وتوجد تحت إمرته الإدارة بمختلف مؤسساتها وله سلطة صناعة السياسات العمومية ونفوذ التعيين في المناصب السامية. سيكون من العبث لحكومة يقودها العدالة والتنمية سمحت بتحرير الأسعار وخضوع المواطن لقانون السوق دون رقيب على محاسبة من استفاد من تلك القوانين، فلا يمكن لحزب الذي كانت تحت سلطة أمناءه العامين وضع عشر قوانين مالية سنوية حددت مداخيل الدولة ورسمت حدود توزيعها ووضعت الآليات الكفيلة بتدبير الثروة سواء على مستوى الضرائب المباشرة وغير المباشرة أو على مستوى تدبير الصناديق السوداء، او التوزيع المالي على القطاعات الوزارية ان يتباكى اليوم عن اعطاب في توزيع الثروة.
فحينما يقول ان نظام توزيع الثروة غير عادل، فمن حق المواطن ان يسألهم، ما الذي كنتم تفعلونه منذ 10 سنوات؟ من الذي كان يمنعكم من اتخاذ ما يلزم من اجل تحقيق العدالة التوزيعية للثروات؟ ولنفترض انه هناك من منعكم لماذا لم تتركوا المفاتيح حينما منعتم من القيام بالتوزيع العادل للثروات؟ الذي جعلكم تتحاشون إثارة الضريبة على الثروة لأجل تحقيق هدف العدالة بتوزيع التكاليف العمومية؟ ما الذي دفعكم لاعتماد قانون تحرير الأسعار ووضع المواطن تحت رحمة قانون السوق؟ لماذا لم تتخذوا كافة الإجراءات لتشجيع قيم التضامن والتآزر بين فئات المجتمع، بسن ضريبة تضامنية المعمول بها في العديد من الدول المتقدمة بعيدا عن ازمة كورونا؟ لماذا حاربتم فرض الضريبة على التركات؟ لماذا اخذتكم الحماسة بتحويل جزء من الثروات للصناديق السوداء لتدبير الشأن العمومي؟ ما الذي كان يمنعكم من تخفيض أجور كبار المسؤولين والرفع من اجر العامل والموظف البسيطين؟
كانت أمامكم بعد اعتماد دستور 2011 فرصة تاريخية للذهاب بالمغرب بعيدا على المستوى السياسي والاقتصادي والحقوقي، بما توفرت لديكم من إمكانيات دستورية وزخم شعبي، لكنكم فشلتم في القيام بدوركم واليوم يطلقون العنان للغة التباكي التي لا تجدي نفعا وكما قالت أم آخر ملوك بنو الأحمر أبو عبد الله الصغير حينما سقطت مملكته بالاندلس “ابكي كالنساء على ملك لم تحافظ عليه كالرجال”.