الأمين العام للحزب المغربي الحر يكتب :التعليم_رأسمال_نهضتنا

 

#التعليم_رأسمال_نهضتنا
لا يمكن لأي مشروع مجتمعي أو سياسي واعد وله غيرة على مستقبل الأمة التي ينتمي إليها إلا أن ينطلق من المعلم والتعليم كأساس ومحور رئيسي لتربية وتكوين الرأسمال البشري الذي يعتمد عليه لإطلاق أية نهضة صناعية أو إقتصادية أو مجتمعية، والعكس صحيح كذلك فالإنحطاط الفكري والأخلاقي والقيمي والتدهور الإقتصادي يكون مرجعه أزمة التعليم والمعلم كذلك.
وإذا كان العالم المتقدم يعيش تطورا معرفيا متسارعا فإننا بالمقابل نعيش تأخرا تاريخيا وتخلفا حضاريا ولا نمتلك حتى الوعي لفهم ما يقع من متغيرات تجاوزت حتى الاقتصاد الرقمي والذكاء الاصطناعي الذي يقترب ليصبح من الماضي في المستقبل القريب.
ففي الوقت الذي كان من المأمول في حكومة اليسار المغربي بقيادة عبد الرحمان اليوسفي أن تنفذ برامجها ووعودها الانتخابية بإصلاح التعليم العمومي وتقوية المنظومة التربوية، أعطت الإنطلاقة لورش التخريب البنيوي لمؤسسة المعلم ومفهوم التعليم كأساس حقيقي ومحوري للتنمية كما عرفناه أيام جيل الاستقلال وما بعده وأيام جيل إقرأ لكاتبها بوكماخ رحمه الله، لتبدأ الهجمة الشرسة والممنهجة على مبدأ مجانية التعليم، وتهديم كل مقوماته بالإرتماء في أحضان لوبيات المطابع وتماسيح الشركات التعليمية الخاصة، حتى أصبح غالبية المعلمين يتمنون لو بقي الحال كما كان عليه في جيل ما قبل حكومة اليسار التخريبي.
فقديما لازلت أذكر وأنا في المدرسة كيف كنا نتناوب على المناهج الدراسية من جيل إلى جيل، وأذكر وأنا تلميذ كيف احاول الجواب في الكراسات بقلم الرصاص حتى نمحوها بالممحاة في آخر السنة ونقدمها لأحد جيراننا بداية العام الدراسي وهو الأمر الذي صار ممنوعا أو مستحيلا بحكم تغيير المناهج بطريقة خبيثة وماكرة، حتى يضطر التلميذ ووالديه المغلوبين على أمرهما لتكبد عناء شراء المقررات الجديدة كل سنة بأثمنة خيالية، ولازلت أذكر كيف كنا نترك أدواتنا المدرسية في المدرسة دون عناء حمل الحقائب الثقيلة على ظهورنا كما يضطر جيل اليوم الى ذلك، بهدف مزيد من التنفير في المدرسة العمومية، وخصوصا إذا كان يخطو تلميذنا الصغير على رجليه الداميتين مسافة خمسة كيلومترات أو أكثر ذهابا وإيابا، إنه الإجرام بعينه في حق أجيال وجدت نفسها فريسة بين أنياب ومخالب مافيا التعليم بالمغرب، والتي لا تقل بشاعة جرائمها عن الجرائم ضد الإنسانية كما هي مصنفة في محكمة الجنايات الدولية، لانها تخرب أجيلا وأطفالا في عمر الزهور وتدمر مستقبلهم وآفاقهم في سبيل المال والربح السريع.
ومن تجليات سياسة التهديم الممنهج لقطاع التعليم العمومي، تقزيم دور المعلم كإطار حيوي في المجتمع وتهميشه وتفقيره وهدر كرامته حتى تصبح مهنة المعلم مرادفا للفقر والذل والمعاناة بعد أن كانت وإلى حدود تسعينيات القرن الماضي مصدرا للفخر والارتقاء المجتمعي كالطبيب والمهندس والمحامي، ولا أدل على ذلك من نظام التعاقد المفروض على أطر المنظومة التربوية باعتباره أخطر ما يواجه اليوم المؤسسة التعليمية و عنوانا بئيسا لتخلي الدولة عن هذا القطاع الحيوي وأطره، فأي معانات أكثر من تلك التي يعيشها المعلم وهو يحمل على عاتقه مسؤولية تربية وتكوين التلاميذ من أبناء أمتنا المغربية، فتجده يكابد العناء في القرى والبوادي النائية ويواظب على الحضور رغم وعورة المسالك وانعدام المواصلات، ويكافح في صمت لإنهاء منهجه الدراسي بالرغم من انعدام أدوات التدريس وأحيانا تنعدم حتى شروطه الأساسية فلا فضاء ولا قسم ولا مراحيض ولا سبورة ولا طباشير، خراب في خراب، تحت حرارة الشمس وقساوة البرد والمطر، بل بين خطر الأفاعي والعقارب في بعض الأحيان، وبالرغم من ذلك تجد المعلم كالجندي في الصف الأمامي لإنقاذ فلذات أكبادنا من براثين الجهل والأمية.
غير أن الحكومة وبدل أن تكافئ المعلم على دوره المجتمعي بالاستقرار الوظيفي والرفع من الأجور وإقرار مكافئات عن بعد المسافات، وتعويضات المخاطر، قابلت هذه المجهودات الجبارة والتضحيات المشهودة، بالجفاء وتحويل المعلم إلى مجرد أجير موسمي يمكن الاستغناء عنه في أي لحظة أو بمجرد انتهاء عقدته المحددة، ورميه في الشارع كما ترمى القمامة أو أقل، ولست أدري سبب هذا التشنج من طرف الحكومة في إدماج أولئك الشباب الذين فرض عليهم التعاقد في أسلاك الوظيفة العمومية، بل وإضافة آلاف المعلمين الآخرين، لعلنا نخرج في أقصى سرعة من تخلفنا وجهلنا.
لكن من يرى وزير التعليم ويتأمل في قناعاته الفكرية ومبادئه يعرف أن الحكومة الملتحية قد أجهزت على آخر بارقة أمل في مشروع إصلاح منظومة التعليم لتسلمه على طبق من ذهب لأذناب الإستعمار الفرنسي المستمر في تخريب عقول أبنائنا بنخبه المشوهة والتي تعمل ليل نهار لتكمل مسيرة هدم كرامتنا وهويتنا وتاريخنا عن طريق تخريب التعليم والمعلم.
وهنا أدعو مناضلات ومناضلي الحزب المغربي الحر وخصوصا لجنة البرامج إلى ضرورة الانكباب على إعداد التصورات النزيهة والمبدئية من أجل إصلاح شامل لمنظومة التعليم، تنطلق من البرامج التعليمية لجيل ما بعد الاستقلال، وتستلهم منها مقومات بناء مدرسة مغربية عمومية قادرة على صناعة جيل النهضة المغربية التي نرجوها ونعمل عليها في حزبنا.
#إسحاق_شارية
#قناعات_راسخة
#الحزب_المغربي_الحر
#الأساتذة_الذين_فرض_عليهم_التعاقد
الاستاذة الذين فرض عليهم التعاقدالتعليم اساس نهضتنا
Comments (0)
Add Comment