منذ الإعلان عن النتائج الانتخابية للاستحقاقات التشريعية 7 أكتوبر 2016 والانتهاء من عملية البلوكاج الحكومي، بدأت الحملة الانتخابية لسنة 2021 حيث اختزلت العملية السياسية في محطة الانتخابات، وبدى ظاهرا للمتتبع للشأن السياسي أن برنامج الأحزاب المشكلة لحكومة ما بعد البلوكاج هو العمل من أجل إستحقاقات 2021 وكأن المشهد السياسي توقف لمدة خمسة سنوات وأن الحكومة تقوم بتصريف الأعمال في أفق وصول موعد الاستحقاقات والتصارع من أجل الظفر بمقعد رئاسة الحكومة.
لم يعرف المشهد السياسي قبل هذه الفترة حملة إنتخابية أكبر من هذه، فمنذ تشكيل الحكومة بعد انتخابات أكتوبر 2016 بدأت الحملة الانتخابية بين متنافسين يتشاركان الحكومة، من جهة تابع المتتبع للمشهد السياسي مسلسلا سياسي درامي ببطولة العدالة والتنمية قصته أن البطل رجل مستقيم يتعرض للتنمر والتضييق من شريكه في تدبير الشأن العام، ومن جهة أخرى شريك في الحكومة يمارس البوليميك السياسي من حيث هو عضو في الحكومة بحقائب تتحكم في الصناعة والاقتصاد والأرض والجو والبحر والبر وفي نفس الوقت يخرج على المواطنين في منصات زرقاء ليعد المغاربة بأنه سينجز وسيحقق التنمية بعد التصويت عليه سنة 2021.
من الملح أن نطرح أسئلة بديهية تشغل بال المتتبع وترهق تفكيره، هل الناخب الذي صوت لصالح العدالة والتنمية كان ينتظر الدراما والبكائيات؟؟ وهل الحمامة التي تشارك في الحكومة لا مسؤولية لديها سوى توزيع الوعود لما بعد 2021؟؟ والسؤال الأهم ما هي حصيلة الأغلبية والمعارضة خلال خمس سنوات؟؟؟
من المؤسف ألا نجد عنوان للولاية المنتهية سوى “مرحلة الركود السياسي والردة الديمقراطية” ساهم في تكريسها أحزاب الأغلبية الغير منسجمة وحكومة مهزوزة وأحزاب المعارضة الفاقدة للبوصلة، ظهرت معالمها مند انتخاب رئيس مجلس النواب من حزب بالكاد تمكن من تشكيل فريق نيابي وقيادة التحالف الحكومي من قبل حزب حل رابعا ب 37 مقعد وفرضه لمن سيشارك في الحكومة ممن لا يجب أن يشارك وختمت بالتصويت على القوانين الانتخابية في جو يعبر على أنه لا وجود لأغلبية منسجمة ولا لمعارضة مستقلة، وهنا وجب طرح سؤال على جميع الأحزاب الممثلة في البرلمان للولاية المنتهية: بأي وجه ستقابلون المواطنين في الاستحقاقات التشريعية والجهوية والجماعية لسنة 2021؟ وأي حصيلة تحملون للمواطنين؟
إن العملية السياسية في حلتها المغربية تضرب جميع قواعد علوم التدبير والتسيير والسياسة عرض الحائط، حيث أن الأحزاب تقابل الناخبين بالوعود الانتخابية دون تقديم الحصيلة أو تقييم للمرحلة التي جعلتهم عنصرا من الأغلبية أو المعارضة وحيث أنه لا وجود لمنطق في التحالفات والتكتلات ففي المغرب فقط نجد حزبا ذو مرجعية إسلامية إخوانية يتحالف مع حزب ذو أصول شيوعية وأن أحزاب اليسار يتحكم فيها من أحزاب الباطرونة … وغيرها من المظاهر التي تبين أن المشهد السياسي لا تقوده لا برامج ولا إيديولوجيات بل تقوده المصالح والرغبة في الوصول لكرسي الحكومة.
في ظل كل هذه المظاهر التي تؤجل موعد تحقيق الانتقال الديمقراطي يكون الخلاص الوحيد هو المشاركة الجماعية في العملية السياسية وإقتحام الأحزاب والتوغل في مؤسساتها، فليس من المنطقي أن نضع أنفسنا في موقع الضحية وأن نستعمل خطاب المظلومية، فإلى متى سنبقي باب السياسة حكرا على النخب الفاسدة والمصلحية والاحتكارية؟؟؟ إلى متى سنبقى مكتوفي الأيدي وألا نساهم في عملية تحقيق هدف الانتقال الديموقراطي؟؟؟
إننا في حاجة أن ندخل عليهم الباب وأن نصنع التغيير من داخل المؤسسات وأن نقطع مع ممارسات الردة والنكوص بحس وطني مسؤول.
عز العرب بوغالب
كاتب رأي