حكومة أخنوش ومخطط الظهير البربري

إسحاق شارية

في عام 1930 أصدر الاحتلال الفرنسي ظهيرا ينص على جعل إدارة المناطق الناطقة بالأمازيغية تحت سلطة الإدارة الاستعمارية، فيما تبقى المناطق الناطقة بالعربية تحت سلطة “حكومة المخزن” والسلطان المغربي، وتم إنشاء محاكم على أساس العرف والعادة المحلية للسكان الأمازيغ، وإحلال قانون العقوبات الفرنسي محل قانون العقوبات “الشريفي”.

وقد رأى الفرنسيين في اصدار هذا الظهير أنه بتقوية القومية الأمازيغية يتحقق التوازن لمواجهة السلطان المغربي والشريعة الإسلامية والعرب، ويتحقق الالتصاق بين الأمازيغ والاستعمار، وفي هذا الصدد يقول المستشرق الفرنسي “جودفروي دومومبين” في كتابه “المهمة الفرنسية فيما يخص التعليم في المغرب” الصادر عام (1928م): “إن الفرنسية -وليست البربرية- هي التي يجب أن تحل مكان العربية كلغة مشتركة وكلغة حضارة”، “إن قوام السياسة الأمازيغية هو العزل الاصطناعي للأمازيغ عن العرب، والمثابرة في تقريبهم منا من خلال التقاليد”، وهذا أيضا ما قرره الكولونيل “مارتي” في كتابه “مغرب الغد” الصادر في تلك الفترة “أن المدارس الأمازيغية يجب أن تكون خلايا للسياسة الفرنسية، وأدوات للدعاية، بدلا من أن تكون مراكز تربوية بالمعنى الصحيح”.

وعلى عكس ما كان يرجو المستعمر، كان صدور “الظهير البربري” عاملا هاما في إيقاظ الروح الوطنية بين المغاربة، بشكل غير مسبوق، حيث اصطدم هذا المرسوم مع جيل بأكمله نهض لإيقاظ النزعة التحررية متمثلا في حركة اللطيف التي تطورت لتتحول الى حركة مقاومة للإستعمار.

ورغم أن الحركة الوطنية قد نجحت جزئيا في إفشال الأهداف الكبرى لهذا الظهير، لكن رواسبه بقيت حتى الآن في بعض مظاهر الازدواجية الثقافية واللغوية بين بعض النخب المغربية المتشبثة بالفرانكوفونية لغة وثقافة ومذهبا، لكن الملفت أن لا حكومة من الحكومات التي تداولت على المغرب عملت على إحياء المشروع الاستعماري الفرنسي مثلما تفعل حكومة عزيز أخنوش سواء من خلال تركيزها على استوزار شخصيات تحمل الجنسية الفرنسية أو تتولى مهاما قيادية في مؤسسات الدفاع عن الفرنكوفونية كما هو الحال مع وزير التعليم العالي عبد اللطيف ميراوي، ويتأكد هذا التوجه من خلال الإطلاع على صفحات البرنامج الحكومي حيث تفادى نهائيا الحديث عن اللغة العربية في حين خصص فقرات مطولة للحديث عن دعم اللغة الأمازيغية بمليار درهم وإحداث وكالة خاصة بتشجيعها، في مخالفة صارخة لدستور المملكة المغربية الذي يعتبر أن اللغتان العربية والأمازيغية هما لغتان للأمة المغربية، كما يعتبر أن الهوية المغربية مشكلة من الثقافة العربية والأمازيغية والأندلسية والعبرية بالتوازن ودون تغليب واحدة على الأخرى.

وهكذا فإن استمرار السيد رئيس الحكومة عزيز أخنوش في تفضيل انتمائه القبلي الأمازيغي على انتمائه للوطن المتعدد الروافد سيساهم في خلق شرخ وتصدع بين المجتمع المغربي، كما أن سعيه لترؤسه جماعة أكادير فيه إشارة عن تفضيل انتمائه القبلي على الوطني وربما يكون مؤشرا على تفضيلها من حيث مساهمات الدولة على باقي الجماعات والجهات الأخرى وهو ما سيكون له بالغ الأثر على التوازن بين جهات المملكة، الأمر الذي يدفعنا الى التحذير من تحويل المغرب الى أعراق ومذاهب وشخصيات دولة تدافع عن قبيلتها بدل الدفاع عن الوطن، وهو ما سيفتح الباب على مصراعيه لتنزيل المخططات والمؤامرات الاستعمارية في تشتيت الامة المغربية وإبعادها عن ثقافتها وهويتها ودينها.

وأختم بخطاب للمغفور له الحسن الثاني طيب الله ثراه في 20 غشت 1994 في ما معناه “إن الخلط واجب ومستحب وضروري بين العربية ولهجاتنا وأكثر مناعة بالنسبة للمستقبل، من أن أسمع الطفل والطفلة ووالديه كذلك وهم يخلطون بين العربية والفرنسية أو العربية والإسبانية، ونحن نفكر في التعليم وبرامج التعليم أن ندخل تعليم اللهجات علما منا أن تلك اللهجات قد شاركت اللغة الأم لغة الضاد لغة كتاب الله سبحانه وتعالى لغة القرآن الكريم في فعل تاريخنا وأمجادنا” …

إسحاق_شارية

إسحاق شاريةالامين العام للحزب المغربي الحرالظهير البربريحكومة اخنوش
Comments (0)
Add Comment