تعيش ساكنة مدن وقرى درعة تافيلالت منذ سنوات على وقع دعوات اجتماعية و سياسية متنامية لتحسين ظروف الاستقرار و الخدمات الصحية وفك العزلة .
طبقا للتقسيم الجهوي لسنة 2015 تضم الجهة خمسة اقاليم هي الراشيدية و ميدلت ،تنغير ،ورزازات و زاكورة .
تشير الارقام الرسمية الصادرة عن المندوبية السامية للتخطيط إلى تجاوز عدد سكان جهة درعة تافيلالت 1635008 نسمة حسب الإحصاء العام للسكان المنجز سنة 2014، تعداد يشكل 5 في المائة من مجموع سكان البلاد .
تعيش اقاليم الجهة على وقع معاناة يومية للمواطنين جراء غياب مستشفى جامعي و ضعف خدمات المستشفيات الاقليمية الخمس الى جانب اشكالات الضغط على المستشفى الجهوي مولاي علي الشريف بعاصمة الجهة الراشيدية ، فرغم الجهود التي تبدلها الاطر الطبية الا ان الخصاص يتجلى للجميع رسميا و شعبيا و تضطر الطواقم الطبية لعدم الالتحاق بالجهة او هجرتها بسبب ما تسميه “غياب ظروف الاشتغال ” كما تعيش اسر على هاجس التخوف من اللجوء للخدمات الصحية العمومية حيث صارت ” سير للراشيدية ” هي القاعدة بدل الاستثناء فتتحمل الاسر اعباء التنقل للمستشفى الجهوي و مستشفيات المدن الكبرى نظرا لغياب اطر تخصصات الانعاش و التخدير و الجراحة بهذه المستشفيات التي يسخر منها اهل المنطقة باطلاق لفظ ” المحطة ” للدلالة على تحولها لمحطة للحصول على ورقة تنقل للمستشفى الجهوي.
الوضع الصحي المتردي صار ظاهرا و يشهد عليه الجميع فقد شهدت الجهة مؤخرا حادث وفاة شابة حامل في العشرين من عمرها من منطقة واكليم وذلك بسبب غياب ظروف الولادة الطبيعية بتنغير فتم ايفادها للمستشفى الجهوي هذا الاخير يشهد هو الاخر ضغطا يوميا على قدرته الاستعابية الامر تجلى في احتجاجات ما بات يسمى بحراك ايديا للمطالبة بتحسين العرض الصحي بعد وفاة الطفلة ايديا وهي تتنقل من قريتها الى الراشيدية ثم فاس حيث لفظت انفاسها الاخيرة في رحلة البحث عن ” السكانير “
ترافعات و حوارات سياسية و زيارات وزارية و حراك اجتماعي لم يغير من الوضع الصحي غير انتظار الساكنة انهاء بناء اشغال المستشفى الاقليمي الذي تسير فيه الاشغال ببطىء و تتوقف في احيان كثيرة الى جانب تزايد المطالب ببناء مستشفى جامعي شامل و توفير ظروف استقرار للاطباء و الممرضين بالجهة .
مطالب بجامعة مستقلة
يتوافد الاف الطلبة على الجامعات العمومية للتسجيل بداية كل موسم جامعي و عليه يقطع طلاب درعة تافيلالت مسافات التنقل لجامعات ابن زهر باكادير و القاضي عياض بمراكش و كليات الرباط لمتابعة دراستهم العليا نظرا لغياب جامعة مستقلة بجهتهم ،مستويات الهدر الجامعي مرتفعة باقاليمها ، فالكليات المتعددة التخصصات المحدثة بالراشيدية و ورزازات لا تكفي طاقتها الاستعابية و مدرجاتها لاحتضان كل الطلبة الى جانب غياب كل التخصصات الجامعية بها كلية الطب التي يشار اليها انها قد تكون حلا لاستقرار خريجيها من ابناء الجهة بمناطقهم لم تبرمج بعد ، منير الحسيني التقيناه يعمل في عمل يومي بورش للبناء يحكي بنبرة الحسرة عن تجربته للجريدة ” بعد حصولي على الباكالوريا انسدت الافاق امامي عوض ان تفتح ، الكلية المتعددة التخصصات بالراشيدية و ورزازات لا تتوفر على التخصص الذي حلمت به سنوات كما حرمت من المنحة الجامعية بسبب عدم التعميم و ظروف الهشاشة الاسرية جعلتني الج كلية الراشيدية مضطرا وهنا انتهى مساري الجامعي و مستقبلي رغم تفوقي لان الظروف جعلني اختار الخيار الخطا ”
لعنة التاريخ و الجغرافيا.
شكلت درعة تافيلالت باختلاف تسميات مناطقها منطلقا لاغلب الحركات السياسية فهي منطلق مولاي علي الشريف مؤسس الدولة العلوية الحاكمة وهي ايضا بؤرة الحركة اليسارية في تاريخ المغرب المعاصر حيث شهدت المنطقة احداث و مجريات ما بات يسمى سياسيا و اعلاميا ب ” سنوات الرصاص ” . الى جانب ضم الجهة في اغلبها لمناطق جبلية وهنا يصرح عبد الكريم منتصر و هو ناشط سياسي ” لا يمكن انكار دور الجهة في التاريخ السياسي عبر قرون كما ان جغرافيا ليست لعنة فهي دافع لتثمين المجال الترابي على غرار دول اوروبية او اسيوية ، لا يمكن جعل تاريخ المنطقة و جغرافيتها اساسا لتهميشها و عدم تخصيص برامج تنموية كبرى لها ما مضى من احداث تاريخية هي للتوثيق و استخلاص العبر وليس للانتقام السياسي”
القطار القادم من الرباط و المتوجه الى الراشيدية ۔ ورزازات سيتاخر لسنوات ..
بهذه العبارة الساخرة يضيف منتصر ” الحل السحري المقترح هو ربط اقاليم الجهة الخمسة بالسكة الحديدية و الطريق السيار لتثمين المجال الترابي و السياحي وفك العزلة الى جانب مطلب الجامعة المستقلة و المستشفى الجامعي و هنا نتحدث عن زاكورة كمدينة للانوار كالرباط ”
معادن تحت الارض ۔ مواقع سياحية فما الواقع ؟
الكل بمناطق الجهة يتحدث عن مفارقة غنى الجهة بالموارد الطبيعية و المنجمية و المواقع السياحية التي تنافس المدن السياحية الكبرى وبين غياب و ضعف الخدمات الصحية و مؤسسات التعليم العالي سعيد المتوكل فاعل جمعوي يوضح للجريدة ” ليس هناك مفارقة الامر مرتبط بغياب ارادة حقيقية من طرف الجميع سواء من يترافع عن مناطقنا او من يسير الشان العام ،لدينا عقدة الذات و سحق الذات و الاستخفاف بابناء المنطقة و اطرها المحلية لذلك الكل هاجر او يحلم بذلك ..” وعن حديث ابناء الجهة عن ارادة رسمية في تهميش مناطقهم ” لا يمكن الحديث عن ارادة فوقية للتهميش بشكل مباشر المسالة مرتبطة بنا نحن ابناء المنطقة في التدافع و الترافع و تشكيل تنظيمات مدنية للترافع “
نظرات للمستقبل ..دعوات لالتفاتة ملكية خاصة
هناك شبه اجماع رسميا و شعبيا على الحيف الذي لحق جهة درعة تافيلالت و التي كانت اقاليمها تابعة سابقا لمكناس تافيلالت او سوس ماسة درعة فتم تجميع اقاليمها في جهة واحدة ذات خصوصيات ثقافية و اجتماعية مشابهة و متقاربة وعن المستقبل تجمع نخب الجهة و شبابها المستقل على ضرورة تدخل ارادة عليا لوضع برنامج و خطة انقاذ طويلة الامد لتحقيق مطالب مدن الجهة المتراكمة على طاولات مكاتب العمالات و الوزارات لعقود .”