قالت منظمة العفو الدولية إنه منذ هيمنة الرئيس قيس سعيّد على السلطة في 25 يوليو 2021، شهدت تونس تراجعًا كبيرًا في التقدم المحرز في مجال حقوق الإنسان منذ ثورة 2011. شملت هذه التراجعات تفكيك العديد من الضمانات المؤسسية القائمة، مثل حلّ المجلس الأعلى للقضاء في فبراير 2022 واعتماد دستور جديد بعد استفتاء في 25 يوليو 2022. يقوض الدستور الجديد الضمانات المؤسسية لحقوق الإنسان ولا يوفر الضمانات اللازمة لاستقلال القضاء ونزاهته.
دعت المنظمة السلطات التونسية إلى وضع حد للتآكل المستمر لاستقلال القضاء في البلاد، مشيرة إلى مرور عامين على منح الرئيس قيس سعيّد نفسه صلاحيات عزل القضاة بصورة انفرادية. ففي 1 يونيو 2022، أصدر الرئيس سعيّد مرسومًا يسمح له بإقالة أي قاضٍ بناءً على مفاهيم غامضة ودون اتباع الإجراءات القانونية الواجبة، مما أدى إلى عزل 57 قاضيًا ووكيلًا للنيابة في نفس اليوم، بتهم تتعلق بعرقلة التحقيقات في الإرهاب والفساد الأخلاقي.
ورغم قرار المحكمة الإدارية بتونس في أغسطس 2022، الذي يأمر بإعادة 49 من القضاة المعزولين تعسفيًا، لم تُعد وزارة العدل أيًا من القضاة إلى مناصبهم حتى الآن. ولا يزال القضاة والمؤسسات القضائية الذين عارضوا تدابير الرئيس يواجهون الترهيب والمضايقة.
قالت هبة مرايف، مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال إفريقيا في منظمة العفو الدولية: “منذ أن حلَّ الرئيس قيس سعيّد المجلس الأعلى للقضاء وعزل القضاة بناءً على اتهامات مبهمة قبل عامين، استمرت مضايقة القضاة والتدخل غير القانوني في عملهم في محاولة لخنق المعارضة وجعل المساءلة بعيدة المنال”.
دعت المنظمة السلطات التونسية إلى إنهاء جميع الممارسات التي تعيق استقلال القضاء، وتعديل أو إلغاء القوانين التي لا تحترم المعايير الدولية المتعلقة باستقلال القضاء والمحاكمة العادلة. كما دعت إلى إعادة جميع القضاة المعزولين تعسفيًا إلى مناصبهم وتقديم تعويضات لهم.
في 23 يناير 2023، قدم 37 قاضيًا من أصل 57 الذين عُزلوا شكاوى جنائية ضد وزيرة العدل لعدم امتثالها لقرار المحكمة الإدارية. وحتى الآن، لم يُحرز أي تقدم بشأن هذه الشكاوى.
قال حمادي الرحماني، أحد القضاة المعزولين: “حتى اليوم، بعد مرور عامين على إعفائي أنا وزملائي بهذه الطريقة غير القانونية، لم نحصل على قرار رسمي يوضح أسباب الإعفاءات. لكن بات واضحًا أن الهدف كان استهداف مجموعة من القضاة المستقلين الذين حاولوا التصدي للاعتداء على مبدأ الفصل بين السلطات من قبل الرئيس قيس سعيّد”.
كما علقت خيرة بن خليفة، إحدى القاضيات المعزولات، قائلة: “إن القول بأن حياتي قد تغيرت منذ عزلي في 1 يونيو 2022 لا يُعبّر عما حصل بما يكفي. لقد حُرمت من حقي في العمل بطريقة تعسفية، وانتهكت خصوصيتي، ولا أزال محرومة من سبل الانتصاف القانونية”.