الإنتخابات المقبلة .. بعد سنوات البؤس السياسي

من المعلوم ان العملية الانتخابية هي تعبير الامة عن ارادتها وممارستها للسيادة، كما اكد على ذلك الفصل الثاني من الدستور حيث جاء في مضمونه ان السيادة للأمة، تمارسها بشكل مباشر عن طريق الاستفتاء او بشكل غير مباشر عن طريق ممثليها، ومن هذا المنطلق فإن العملية الانتخابية هي تمرين وطني ديموقراطي مهم او بمثابة إمتحان للناخبين والمنتخبين وللاحزاب في تعبير الامة عن إرادتها وإختياراتها.

فعلى الناخبين مسؤولية الاختيار والتعبير عن الارادة الصريحة منبثقة من قراءة للبرامج والوعود ومدى قدرة المنتخبين والاحزاب على الوفاء بها وعلى الاحزاب ان تختار مرشحيها للتعبير عن إرادة الامة بمسؤولية وأمانة وان لا تدخر اي جهد في اعداد برامج ووعود منبثقة من رحم التوجهات الفكرية والايديولوجية للحزب لما للأحزاب من ادوار طلائعية مهمة في تأطير المواطنين وتمثيلهم كما جاء في مضمون الفصل السابع من الدستور.

وبناءا عليه فإن العملية الانتخابية هي تتويج لمجهود الاحزاب السياسية على مدى خمس سنوات من التكوين والتأطير والتواصل السياسي للمواطنين وبالتالي كلما سنجنيه في الانتخابات هو نتيجة لزراعة وسقي وعناية خمس سنوات، فإن كانت سنوات عجاف تغلق فيها ابواب الأكشاك الانتخابية والاحزاب الموسمية وتصنع فيها قرارات احزاب اخرى خارج هياكلها، وخضوع المنتخبين للإدارة بدل تسخير الادارة لتنزيل برامج المنتخبين فلن نحصد إلا البؤس، وإن كانت سنوات من التدافع والنقاش والتفكير والتأطير السياسي وممارسة التدبير الحر والديموقراطي وممارسة المعارضة المسؤولة فسنحصد بذلك نتائج ديموقراطية في جو وطني تسوده روح الانفراج السياسي.

وهنا اقف لأطرح بعض الاسئلة التي تجعلني اتوقع نتيجة هذه التمرين السياسي الذي ينتظرنا في شهر شتنبر المقبل.
ما هي حصيلة الاحزاب السياسية المغربية في الخمس سنوات السابقة ؟ وقبل ذلك ماهي المساحة التي يسمح للاحزاب العمل بداخلها ؟ هل في امكان الاحزاب ان تمارس فعلا اختصاصاتها التي يخول لها الدستور والقانون؟؟؟
فمن خلال الملاحظة الظاهرة للعيان فإننا على مشارف نهاية خمس سنوات عجاف إنطلقت من البلوكاج وتشكيل حكومة مهزوزة وممارسة معارضة مبتدلة وإنتهت بحكومة بدون اغلبية ومعارضة برلمانية فاقدة للبوصلة.
ان السؤال عن حصيلة الاحزاب المغربية في الخمس سنوات الماضية هو سؤال حصيلة البؤس والردة والنكوص عن روح النقاش الوطني الذي اسس لدستور 2011 ولا يمكنني ان اصف هذه المرحلة إلا بمرحلة النكوص نابعة من عمل حزبي مصنوع او موجه واخر مرتبك وفاقد للأهلية واخر نائم الى حين إقتراب الانتخابات ليفتح الاكشاك من اجل الانتخابات.
كل هذه مؤشرات على اننا نبتعد عن الامل في الانفراج السياسي الذي نريد، إنفراج تقوده النخبة الحزبية بفتح نقاش مع المواطنين من شباب ونساء وحرفيين ومأجورين وموظفين وعاطلين وباحثين وطلبة … من اجل خلق مصالحة بين المواطنين والسياسيين.

من المسؤول..؟؟؟
ان سؤال المسؤولية هو سؤال اساسي في تحليل الواقع السياسي في البلاد والجواب عليه يحتمل عدة اوجه، ومن وجة نظري فإن المسؤولية مشتركة بين الاحزاب التي لا تستطيع حتى في مؤسساتها ان تمارس العملية الديموقراطية فلا تداول في مناصب تدبيرها ولا في مساطرها وقوانينها الموضوعة على المقاس ولا في الباب المغلق عن كل المحاولات في الحوار والاختلاف داخلها، واحزاب غلقت ابوابها بعد ان اطلعت على نتائج الاستحقاقات التشريعية ل 2016 والتي تعيد فتحها في اقتراب موسم التزكيات لسنة 2021، وبين مواطن يقبل ان يبيع صوته بأبخس الاثمان خاضعا بذلك لإبتزاز مرشح لا هم له سوى مقعد يجني من ورائه المصالح او المكانة، ونخب تلاحظ وتنتقد من ابراجها العالية تمتهن الانتقاد وتفتقد للجرءة كي تساهم في الاصلاح … كلنا مسؤولون عن كل ما سنحصد في الاستحقاقات المقبلة.
الكثيرون ممن سيقرئ هذه الأسطر التي كتبت سيطرح سؤال، ما الجدوى إذا من المشاركة الانتخابية في الاستحقاقات المقبلة ؟

اعتقد المشاركة في الاستحقاقات الانتخابية المقبلة هي احد الفرص التي يجب ان يعبر فيها الشباب عن رأيهم ووجودهم واملهم وسخطهم ورضاهم وامتعاضهم … في افق تعبيد الطريق نحو الانفراج السياسي المبتغى، فالتصويت على الفاسدين تعبير والتصويت على المصلحين تعبير والتصويت على الاحزاب الوطنية تعبير والتصويت على احزاب الادارة تعبير والتصويت على المرشحين الشباب تعبير والتصويت بورقة فارغة تعبير والتصويت بإلغاء ورقة التصويت تعبير … كلها اشكال للتعبير عن إرادة الامة وعن نتائج عمل الاحزاب والمدرسة والاعلام والمجتمع المدني ….
ان الضرورة اليوم تقتضي المشاركة بكثافة في هذه الاستحقاقات كي نعبر جميعا عن إرادتنا الحقيقية في تعبيد الطريق نحو الانفراج السياسي الذي نريد وان نتحمل المسؤولية في بناء وطن ديموقراطي لان بحجم الديموقراطية تكون الرفاهية والرخاء.

عز العرب بوغالب
عضو المكتب السياسي للحزب المغربي الحر

الانتخابات المقبلةالحزب المغربي الحرعز العرب بوغالب
Comments (0)
Add Comment